العتاب الغريب
إن الله تعالى يقول يوم القيامة :
يابن آدم مرضت فلم تعُدني , قال : يارب , كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟
قال : أما علمتَ أن عبدي فلاناً مرض فلم تعُده ؟ أما علمتَ أنك لو عدتَهُ لوجدتني عنده ؟ !
.. يابن آدم , استطعمتك فلم تطعمني , فقال : يارب وكيف أُطعمك وأنت رب العالمين ؟!قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلانٌ فلم تُطعمه ؟ أما علمتَ أنك لو أطعمته لوجدتَ ذلك عندي ؟
.. يابن آدم , استسقيتُك فلم تسقني , قال : يارب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ !
... قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما علمتَ إنك لو سقيته لوجدتَ ذلك عندي .
الحديث
يبين أعمالاً قد لا يلقي لها الإنسان بالاًولكنها محل عتاب وسؤال ,,, ويُرفع من أتى بها درجات عند رب العالمين ..
فالدين ليس مجرد عبادات فقط إذ إن العبادات وسائل وليس غايات فهي أمور الهدف منها :
إصلاح الخلق , وتوجيه السلوك ونشر المعروف بين الناس فإذا قام الإنسان بأداء العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج وبقي على أخلاق الجاهلية من توحش وأنانية وحب الذات كانت عبادته شكلاً بلا مضمون كشجرة بلاثمار أو ضلال ... فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر فمن لم تنهه صلاته فلا صلاة له
وأفضل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً الذي يسود المعروف في تعامله مع الناس فينتفع منهم وينتفعون منه والتوادد والتراحم بين المسلمين من أهداف الإسلام
فمن كان له فضل مال عادبه على من لامال له وهكذا...
وإن كان الحديث يبين أن القاعدتين عن بذل المعروف لإخوانهم معاتبون مؤاخذون يوم القيامة حيث لا ينفع الندم ,, إلا أنه يبشر المريض الصابر وكأنه الله يقول له : إذا لم يزرك أحد من الناس فلا تحزن فأنا معك برعايتي وعنايتي أكفر عنك خطاياك ببعض الألم وأبدلك لحما خيراص من لحمك ودما خيرا من دمك .. والحديث أيضاً بشرى للفقير الذي يستطعم الناس فلا يطعموه .. وكأن الله يقول له : ما أحوجتك إليهم لهوان لك عندي ولكني جعلتك فتنة لهم وابتلاء فمن أطعمك وجد ذلك عندي ومن لم يطعمك أوقفته للسؤال بين يدي حيث لا يسأل حميم حميما
وهكذا نجد أن الحديث ضرب امثلة بالمرض والجوع والعطش لكل ما يمكن أن يؤدى من معروف فهو دعوة عامة لكل من يستطيع أن يبذل عوناً مادياً أو معنوياً لأخيه المسلم أن يفعل ولا يفعل لذلك بين النبي صلى الله عليه وسلم أمثلة عديدة للمعروف داعياً إليها بقوله :
(تبسمك في وجه أخيك صدقة ... )
وهكذا نجد أن الله تبارك وتعالى يثيب على أعمال كثيرة قد يستصغرها الإنسان وصدق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال البر أمر هين .. وجه طليق وكلام لين .. والمتأمل في كلمات الحديث بجد أن الأعمال المذكورة كلها ماهي إلا صنائع معروف تورث المحبةوالألفة بين الناس فبمجرد التبسم في وجه المسلم عبر عنه الحديث بكلمة ( أخيك )
تشعر بما يجب على المسلم نحو المسلم وكلها امور لا مشقة في الإتيان بها :
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعبر عن الاهتمام بمصالح الآخرين وكذلك إرشاد من ضل طريقه وإزالة ما يؤذي الناس في طريقهم صدقة وإفراغك في دلو اخيك تشمل الفائض من حاجتك وكل ما يحتاجه الآخرون وعندك ما يزيد عن حاجتك ..
فالإسلام تكافل وتزاحم وتوادد وبذل المعروف وماينفع الآخرين وليس عبادات شكلية لاروح فيها ولا حياة وإذا كانت هذه الأعمال الدالة علة الرحمة والحنان ترضي الله تبارك وتعالى فلاشك أن ضدها يغضب الرب والسكوت عن نصحهم وعدم الاهتمام بشأنهم وما يصلحهم وقصر الاهتمام على الذات وكل مامن شأنه أن يفرق الجماعة ويشتت الشمل ويورث كلمة
( نفسي , نفسي ) فإنه إذا حدث ذلك رفعت البركة وزالت الأمانة وحل التباغض والتباعد وبدأت الفتن التي لا قبل للأمة بها والتي حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها بقوله :
( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل )
ولاشك أن من قدم المعروف يُنجيه الله من هذه الفتن ويجعل له مخرجاً ويرزقه بصيرة يميز بها بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ في هذه الفتن التي تشبه الليل الدامس الظلام الذي لا يعرف الإنسان فيه طريقه ولايدري أين يتجه وهكذا الفتن المذكورة يقع فيها الإنسان فلايدري أي السبل يسلك
والمخرج الوحيد هو الأعمال الصالحة وبذل المعروف فإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء
وأصلي وأسلم على النبي الأكرم
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire