عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" تُحشر هذه الأمة على ثلاثة أصناف
صنفٌ يدخلون الجنة بغير حساب , وصنف يُحاسبون حساباً يسيرا ثم يدخلون الجنة
وصنف يجيئون على ظهورهم أمثال الجبال الراسيات ذنوباً
فيسأل الله عنهم - وهو أعلم بهم - فيقول :
ما هؤلاء؟ فيقولون : هؤلاء عبيد من عبادك , فيقول : حُطُّوها عنهم واجعلوها على اليهود والنصارى وأدخِلوهم برحمتي الجنة "
حسن ( 1/85) و(4/607) في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي وأصله عند مسلم(49/2767) في التوبة
يدور هذا الحديث حول مكانة الموحدين الناطقين بالتوحيد والعاملين به , وإن كانوا مُذنبين فإن الله تعالى يتجاوز عنهم وذلك لثقل التوحيد وشرف الانتساب إلى الله تبارك وتعالى وثقل كلمة التوحيد ذاتها كما حدث في حديث البطاقة
ويعرض الحديث مقارنة بين ثلاثة أمم : اليهود , والنصارى , والمسلمين , وهم الأمم الثلاث الذين دُعُوا إلى التوحيد والحنيفية فضَّلَتْ أمتان وهدى الله أمة واحدة وهي أمة الإسلام
فاليهود والنصارى جمع الله عزوجل خطيئة من خطاياهم في آية واحدة
" وقالت اليهود عُزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله " التوبة
فسبوا الله عزوجل مسبة لم تَسُبها الكفار إياه حين قالوا بالولد لهوهو عزوجل قال " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد" الإخلاص
وتلك جريمة لا تُغتفر ودون تعرض للجرائم والتهم والتعقيب عليها , فلقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم أمته واليهود والنصارى بتشبيه رائع فيما يروي أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
" مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجلٍ واحد استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل فعملوا إلى نصف النهار , فقالوا : لا حاجة لنا إلى أجر فاستأجر آخرين فقال : أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شطرت فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا : لك ما عملنا فاستأجر قوماً فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين " صحيح البخاري (558) في مواقيت الصلاة
فأمة الإسلام لها التفضيل على اليهود والنصارى بتفضيل الله عزوجل لها وبكفر اليهود والنصارى وظلمهم
" تحشر هذه الأمة على ثلاثة أصناف "
الحشر : الإخراج والجمع
الأخراج من القبور والجمع ليوم الثبور
الصنف الأول صنف يدخلون الجنة بغير حساب
وهم الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب , قالوا : ومن هم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هم الذين لا يكفرون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون "
فقام عكاشة فقال : ادع الله أن يجعلني منهم , قال : أنت منهم , فقام الرجل فقال : يا نبي الله ! ادع الله أن يجعلني منهم , قال :سبقك بها عكاشة " صحيح البخاري (6542)في الرقاق
الصنف الثاني صنف يحاسبون حساباً يسيرا
وهو الحساب السهل بلا تعسير فلا يحقق الله عزوجل عليه جميه دقائق أعماله , وإنما يعرضها فقط عليه , فإن من حُوسِب لا محالة هلك
وفي حديث أو المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من نوقش الحساب عُذِّبَ , قالت : أفليس قال الله تعالى " فسوف يُحاسب حساباً يسيراً " قال : ليس ذاك بالحساب ولكن ذلك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب " متفق عليه
ومعناه أن الله تعالى يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء لأن التقصير صفة غالبة على العِباد فيسامح الله تعالى ويعفو عن العبد
أما الصنف الثالث يجيئون على ظهورهم أمثال الجبال الراسيات ذنوباً
وهؤلاء من الموحدين إلا أن ذنوبهم كثرت حتى صارت كالجبال الراسيات وهو تصوير لمشهد صاحب الذنوب العظام يوم القيامة يبعث على الخوف والرعب منه ولقد جرت السنة النبوية على تصوير مثل هذه المشاهد لبعث الرهبة في القلب من الذنب يوم القيامة وتجسيم الأعمال يوم القيامة ممكن فيتحول العمل الصالح إلى رجل حسن الهيئة طيب الرائحة والعمل السيء إلى رجل قبيح الهيئة منتن الرائح وهكذا وقد قال تعالى عن حاملي الذنوب يوم القيامة
"وقد خاب من حمل ظلما
فيسأل الله عنهم - وهو أعلم بهم - فيقول : ما هؤلاء ؟
فيقولون : هؤلاء عبيد من عبادك , فيقول : حُطُّوها عنهم واجعلوها على اليهود والنصارى وأدخِلوهم برحمتي الجنة "
وهذا معناه إسقاط الذنوب عن المسلمين ووضعها على اليهود والنصارى , قال النووي : ويحتمل أن تكون هذه الآثام آثاماً كان للكفار سبب فيها أو أنهم سنُّوها فتسقط عن المسلمين ويوضع على الكفار مثلها فمن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها
شرح النووي (9/86) على صحيح مسلم
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire